فرضه الله على من استطاع إليه سبيلا، وجعل جزاء الحجّ المبرور هو الجنة، فيعود الحاج طاهرًا من ذنوبه كيوم ولدته أمه.. ولكنّ كثيرًا ممّن يسعون لأداء مناسكه لا يعلمون الكثير عن أحكامه.. لذلك رصدت منصّة "المشهد" عددًا من التساؤلات الشائعة التي تهمّ حجّاج بيت الله الحرام حول مناسك الحج، والتقت فضيلة الشيخ عبد العزيز النجار عضو لجنة الفتوى وأحد علماء الأزهر الشريف، للإجابة على تلك التساؤلات لتكون دليلا يهتدي به كلّ مسلم يريد أداء المناسك كما ينبغي، ويتجنّب المحاذير التي قد تُفسد حجّه حيث كانت الأسئلة على النحو التالي..ما حكم التصوير عند الكعبة المشرّفة والنشر على السوشيال ميديا؟ليس هناك نصٌّ بتحريمها ولكنها من الأمور المكروهة التي تُضيّع ثواب هذه الفريضة، لأنّ هذا يشغل الإنسان عن المقاصد الحقيقيّة لحجّ بيت الله الحرام، ويصرفه عن التفرّغ للعبادة والإخلاص والتوجّه إلى الله عزّ وجلّ، ويجعل في نفسه العُجبَ بنفسه والرياء والسمعة، كلّ هذا من باب أن يُعْلِم الناس أنه يؤدّي المناسك ويحجّ إلى بيت الله الحرام، ويقف بعرفات، وأنّه أمام الكعبة وما إلى ذلك وأمّا في ما يتعلّق بموضوع النيّة، فالله تبارك وتعالى قال في كتابه، "وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وذلك دين القيمة"، فالإخلاص هو الأساس فلا بدّ أن تكون النيّة صادقة لله عزّ وجلّ، لأنّ الله قال "ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا"، وكذلك عندما يقول الإنسان "لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك"، أي لا شريك لك في النيّة، ولا شريك لك في الحجّ، ولا شريك لك في أيّ أمر من الأمور، فهنا قد ناقض فعله قوله.ما حكم أداء الحجّ أكثر من مرّة؟من الناحية الدينيّة أمرٌ جائز ولا شيء عليه، لكن إذا نظرنا إلى الأمر من وجهة أخرى ،نجد أنه يُضيّق على من يريد أن يحجّ إلى بيت الله الحرام، لأنّ الأعداد تكون محدودةً، فهنا شيء من الأنانيّة واستغلال النفوذ المالي، والتحايل من أجل أن يحجّ كلّ عام، وبالتالي يضيّع الفرص على كثير من الناس أيّهما أفضل تكرار الحجّ أم مساعدة الفقراء؟تأدية الحجّ مرةً واحدة في العمر، هذا هو الفرض، والنبي صلّى الله عليه وسلم لم يحجّ إلا مرّةً واحدة، وعندما سأله رجلٌ (أكُلَّ عامٍ يا رسول الله، وكرّر السؤال قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبَت ولمّا استطعتم) فالأَوْلى والأفضل إطعام الفقراء والمساكين، وسدّ حاجات المحتاجين وتفريج الكروب وجبر الخواطر، فهو عند الله أفضل من الطواف بالبيت، من الذي أدّى الفريضة واعتمر الفقراء الذين لا يستطيعون الحجّ ..ما هو البديل بالنسبة لهم؟الله عزّ وجل جعل لهم التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، وجعل لهم صيام يوم عرفة وهناك أمورٌ كثيرة الله عزّ وجلّ يعطي فيها ثواب الحجّ والعَمرة، ومن هذه الأحاديث ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال :من صلّى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجّة وعمرة، قال رسول الله تامّة تامّة تامّة" وهذا حديث حسّنه الترمذي وهناك كثير من الأحاديث تشبه ذلك، وجعل الله لنا بديلا عن الوقوف بعرفة، حيث جعل لنا صيام يوم عرفة وجعل لنا بديلًا عن الهدية الأضحية والذكر والتكبير، وهناك أشياء كثيرة يفعلها الإنسان فيأخذ الأجر بعد الجدل الأخير ..هل يجوز الأضحية بالدجاج؟لا يجوز الأضحية بالدجاج، لأنّ الأضحية من بهيمة الأنعام وهي من الإبل والجاموس والبقر والغنم والماعز، حُصرت في خمسٍ فقط ومن لم يستطع فليس عليه شيء، وهي سنّة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يحرص عليها لكي ينال الأجر والثواب كلّ من وجد سعة، ومن لم يجد فلا شيء عليه إذا ترك الحاج المبيت في مزدلِفة هل عليه فدية؟"مبيت الحاج بمزدلِفة مشروع على جهة كونه سُنَّةً في حقه، إذا ناسب ذلك حاله واستطاعته وتنظيم فَوْجِهِ، ولا فدية عليه في تركه، خصوصًا إذا كان صاحب عذر في ذلك ولا حرج عليه"هل يجب على الحاج لمس الحجر الأسود وتقبيله؟تقبيل الحجر الأسود من المستحبّ، وحفظ النفس من الواجب، ولذا فقد قيّد الشرع استحباب تقبيل الحجر الأسود بألّا يُعرّض المسلم نفسه أو غيره للإيذاء، كالإيذاء من التزاحم المنهيّ عنه واحتماليّة تعرّض المسلم للعدوى حين تقبيله له، في ظلّ انتشار الأوبئة، هو إيذاء أشدّ من إيذاء التزاحم، لما قد يترتّب عليه من مخاطرَ على حياته وحياة غيره، وقد استحبّ الشرع لمن لم يقدر على تقبيله أو ملامسته، الإشارة إليه ولو من بعيد، وتقبيل المشار به.ما هو توقيت ذبح الهدي للحجيج؟ وهل يجوز له أن يأكل من ذلك الهدي ؟ يجوز شرعًا ذبح الهَدي بمكة عقب الانتهاء من التحلُّل من العمرة، كما يجوز ذبحه بمِنى في يوم العيد أو في أيّام التشريق، أو في مكةَ بعدَ العودة من مِنى، كما يجوز للمعتمر أو الحاج أن يأكل من ذلك الهَدي.هل هناك أدعية مستحبّة يقولها الحاج عند رميه للجمرات؟يستحبّ للحاج عند رمي الجمرات أن يقول : بسم الله والله أكبر رغمًا للشيطان وحزبه، اللهمّ اجعله حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا.ماذا لو ترك الحاج واجبًا من واجبات الحج أو ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام؟في هذه الحالة وجب على الحاج الفدية ولا حرج شرعًا عليه أن يذبح في بلده دم الفدية الذي وجب عليه، بسبب ارتكاب محظورٍ من محظورات الإحرام، أو ترك واجبًا من واجبات الحج ولا يشترط الذبح في الحرم أو خارجه، كما لا يشترط أن يتمّ الذبح في زمن الحجّ أو بعده.هل يشترط الطهارة عند السعي بين الصفا والمروة؟لا تُشترط الطهارة للسعي بين الصفا والمروة فمن لم يملك نفسه من البول أو الرّيح أو الغائط، يجوز له السعي بهذه الحالة مع ضرورة ارتداء ما يضمن به عدم وصول شيء من النجاسة إلى المسجد أو المسعى.ما حكم إذا تمتَّعَ الحاج بكلّ ما هو حلال طيِّب بعد التحلُّل من الإحرام بالعمرة قبل الإحرام بالحج؟ وجبَ عليه ذبح هَدي، فإذا لم يجد ثمنه أو كان محتاجًا إلى ثمنه، وجب عليه صوم ثلاثة أيامٍ متتابعة في الحجّ بعد إحرامه به، ليس منها يوم عرفة، ثم سبعة أيامٍ متتابعة بعد رجوعه إلى وطنه، وإذا فاته صوم الثلاثة في الحج أو عجز عنها، هناك صيام العشرة جميعًا بعد العودة إلى أهله.ماحكم إذا ترك الحاج الحلق أو التقصير؟مَن ترك الحلق أو التقصير فقد ترك واجبًا يُجبر بدم، وهذا هو الأصل فمن لم يتيسّر له الذبح فلا شيء عليه.هل يجوز أن يوكِل الحاج غيره في رمي الجمرات؟يجوز شرعًا للضعفاء والمرضى والنساء التوكيلُ في رمي الجمرات ولا حرج عليهم في ذلك.هل الحج يجب على الفور أم على التراخي؟اختلف الفقهاء في وجوب الحج: هل هو على الفور أو على التراخي؟ فذهب الجمهور إلى أنّ الحج يجب على الفور (أي: في أوّل الوقت الذي يستطيع فيه الحج) وهو الأَولى وذهب الشافعية والإمام محمد بن الحسن، إلى أنه يجب على التراخي (أي: في أيّ وقت يستطيع فيه الحج)وعلى الرّغم من وجود الخلاف الفقهي السابق بيانه، فإننا ننصح بالمبادرة في أداء هذه الفريضة إذا ما توافرت شروط الاستطاعة.هل يجوز للحاج أن يجمع حصيات رمي الجمرات من أيّ مكان غير مزدلفة؟حصيات الرمي سبع حصيات كل واحدة منها في حجم حبّة الفول، ويجوز للحاج أن يجمعها من أيِّ مكان غير مزدلفة، وله أن يجمع كل حصيات الرمي في الأيام الثلاثة ومجموعها 49 حصاة: سبع منها لجمرة العقبة يوم النحر، و21 للجمرات الثلاث في ثاني أيام العيد، ومثلها في ثالث أيامه، ومن بقي بمِنى إلى رابع أيام العيد، فعليه رمي الجمرات الثلاث كلّ واحدة بسبع حصيات كما فعل في اليومين الثاني والثالث، وبذلك يكون عدد الحصيات في حق من لم يتعجّل سبعين حصاةهل تُشترط الطهارة عند الطواف؟ نعم تُشترط الطهارة للطواف وطهارة من لم يملك نفسه من البول أو الريح أو الغائط، تكون بأن يتوضأ ولا يلتفت إلى ما يخرج منه بعد ذلك، مع ضرورة ارتداء ما يحفظ به المسجد الحرام من التلويث، كالحفاضات مثلًا وطوافه صحيح ولا شيء عليه.هل الحيض والنفاس يمنع المرأة من الإحرام؟الحيض أو النفاس لا يمنع من الإحرام وللحائض والنُّفَساء عند الإحرام، أن تأتي بكلّ أعمال الحج لكنّها لا تطوف لأنها ممنوعة من الدخول في المسجد، إلا في طواف الإفاضة إذا ضاق وقتُها عن المكث في مكة، إلى أن ينقطع دمُها فلها أن تغسل الموضع وتتحفّظ حتى لا يسقط الدم وتطوف، ولو فاجأها الحيض في طواف الوداع أو قبله تركته وسافرت مع فوجها ولا شيء عليها.هل يجوز للمرأة أن تلبس الحلي المعتادة والحرير والجوارب وما تشاء من ألوان عند الحج؟يجوز للمرأة أن تلبس الحلي المعتادة والحرير والجوارب وما تشاء من ألوانٍ من دون تبرُّج، وإن كان الأَولى البُعد عن الألوان اللافتة والزينة.ما حكم مجاوزة الميقات من دون إحرام لمن يريد الحج أو العُمرة؟اتّفق الفقهاء على حرمة مجاوزة الميقات بغير إحرام من دون عذر، لكنّهم اختلفوا في وجوب الكفّارة على من جاوز الميقات من دون إحرام. فالراجح المفتى به سقوط الكفارة إن رجع إلى الميقات قبل أن يتلبّس بنُسُك، أمّا إن عاد بعد ما تلبّس بِنُسُكٍ أو لم يعد أصلًا، فإنّه يلزمه دم، ولا فرق بين أن يكون ذلك النُّسك ركنًا كالوقوف بعرفة، أو سنّة كطواف القُدُوم، ومنهم من لم يجعل للتلبّس بالسنّة تَأثِيرًا وهذا هو الأصحّ عند الشافعية، وهو قول أبي يوسف ومحمد من الحنفية. ودليل سقوط الدم على من عاد إلى الميقات فأحرم منه قبل التلبّس بمناسك الحج أو العمرة، ما يلي:1.إنه عاد إلى الميقات قبل أن يُحرم وأحرم؛ فالتحقت تلك المجاوزة بالعدم، وصار هذا ابتداء إحرام منه.2.إنّ حقّ الميقات في مجاوزته إياه محرمًا، لا في إنشاء الإحرام منه، بدليل أنّه لو أحرم من دويرة أهله، وجاوز الميقات، ولم يلبّ لا شيء عليه، فدلّ أنّ حق الميقات في مجاوزته إيّاه محرمًا، لا في إنشاء الإحرام منه، وبعد ما عاد إليه محرمًا فقد جاوزه محرمًا.أمّا الدليل على وجوب الدم على من تلبّس بشيء من مناسك الحج أو العمرة بعد مجاوزة الميقات، ناسيًا أو عالمًا، فهو ما رُوي عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما – أنّه قَالَ: {مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، فَلْيُهْرِقْ دَمًا } . كما أنّ من تلبّس بالنُسك بإحرامٍ بعد مجاوزة الميقات، قد أدّى بعض النسك بإحرامٍ ناقص فيلزمه دمما الحكم فيما لو أحرم من دون تلبية؟اختلف الفقهاء في حكم الإحرام من دون تلبية على قولين:القول الأول: يرى أصحابه أنّ التلبية شرط في صحة الإحرام، فلا يصحّ الإحرام من دون تلبية، أو ما يقوم مقامها ما يدلّ على التعظيم من ذكر ودعاء أو سوق للهدي، وبهذا قال ابن عباس في رواية، وهو رواية عن عائشة وعبد اللَّهِ بن مسعود، وابن عمر وإِبراهِيم النخعي، ومجاهد وعطاء، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وابن حبيب من المالكية، وقد حكاه بعض الشافعية قولًا عن الشافعي. القول الثاني: ويرى أصحابه أنّ التلبية ليست شرطًا في الإحرام، وهذا قول أبي يوسف من الحنفية والمشهور عند المالكية والمذهب عند الشافعية، وهو قول الحنابلة. والقول المختار : هو القول القائل بعدم اشتراط التلبية في الإحرام، وذلك لأنّها عبادة يصحّ الخروج منها بغير ذكر، فوجب أن يصحّ الدخول فيها بغير ذكر كالصوم، كما أنّ الإحرام ركنٌ من أركان الحجّ، فوجب ألا يكون الذكر فيه شرطًا كالوقوف والطواف، كما أنّها عبادة محضة طريقها الأفعال، فلم تصحّ من غير نيّةٍ كالصلاة والصوم ،فيصحّ الدخول فيها من غير ذكر. ما حكم ارتداء الملابس المخيّطة حال الإحرام بالحج أو العمرة؟لا إثم على من ارتدى المخيّط لعذرٍ معتبر كالمريض والذي به أذى، مع وجوب الفدية بخلاف من ارتداها عامدًا بغير عذر، فهو آثم ومفرِّط في أداء النُّسك على وجهه الصحيح وتلزمه الفديةهل يَحْرُم على المضحّي الأخذ من شعره وأظفاره؟يُستحبُّ ولا يجب لمن أراد أن يضحّي ألَّا يقصَّ من شعر جسده أو أظفاره شيئًا، وذلك من ليلة اليوم الأول من ذي الحجة، إلى الفراغ من ذبح الأُضْحِيَة، فإن فعل ذلك لا يكون آثمًا إنّما يكون تاركًا للفضيلة فحسب.هل يجوز إعطاء الجزَّار جلدَ الأُضْحِيَة أجرةً له؟ وهل يجوز بيع شيء من الأضحية؟لا يجوز أن يُعْطَى الجزار شيئًا من الأضحية مقابل أجره، ولا مانع من إعطائه منها على سبيل التفضّل والهدية أو الصدقة، كما لا يجوز بيع شيء من الأضحية، فعَنْ عَلِي بن أبي طالب رضي الله عنه قَال: ((أَمَرَني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لاَ أُعْطِي الْجَزَّارَ مِنْهَا، قَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا)). أخرجه مسلم.حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجةيَحْرمُ باتّفاقٍ صيام يوم العاشر من ذي الحجة، لأنّه يوم عيد الأضحى فيُحرم صوم يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى وأيام التشريق، وهي ثلاثة أيّامٍ بعد يوم النحر، وذلك لأنّ هذه الأيام مُنع صومها لحديث أبي سعيد رضي الله عنه: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ؛ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ" رواه البخاري ومسلم، واللفظ له، وحديث نبيشة الهذلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ» أخرجه مسلمٌ في "صحيحه".(المشهد)